تأدّب وأنتَ في حضرة المولى عزّ وجل وفي بيتِه

 لقد كتبَ اللهُ على المسلمينَ إجتماعاً أسبوعيّاً، متمثّلاً في (صلاة الجمعة)، وهي أفضل الصلوات كونها تُصلّى في أفضلِ الأيام، وهو يوم الجمعة، ففي هذا اليوم؛ خُلق آدم عليه السلام، وفيه أدُخل الجنّة، وفيها أُخرج منها، وفيهِ تقومُ السّاعة. وتعتبرُ الخُطبة أهم أركانِ صلاة الجمعة والتي لا تصحُّ إلا بها، حيث يقدّم الخطيب مواضيع متنوعة من ديننا الحنيف حاثّاً في المصلّين على الالتزام بدين الله وشرعه، ومذكراً إياهم بالعودة إلى الله، وما تيسر من الذكر الحكيم.

 في لافتتي هذه، لن أخوضَ الحديث في فضل صلاة الجمعة، ولا الأحكام الشريعة الواردة في حقها، بالقدر الذي سألقي فيه الضوء على ظاهرة غير صحّية تشيع بين صفوف المصلين المسلمين أثناء خُطبة الجمعة، وهي تتعلق بأدب الإنصات للخطيب أثناء الخُطبة.

 في واقع الأمر؛ إن موضوع الثرثرة والحديث الجانبي للمصلين والإمام على المنبر ليس بالجديد علينا، بل هو متراكم منذ وقت طويل. فترى الخطيب يجتهد بكل ما أوتيَ من عزمٍ في تقديم خُطبته بعد ساعات من التّحضير والتّنقيح، حيث يقوم بجمع المعلومات الفقهيّة والسنية والإجتماعية، والتي نحن في أمس الحاجة لها لوقوعنا اليومي في أخطاء نغفل عنا. ومع ذلك نجد بعضاً من المصلّين يتكلّم بصوت عالٍ ومزعج والخطيب على المنبر دون أدنى واعز للأدب، وهو ما يُحرم فعله شرعاً.

_

 لقد حدث اليوم وأنا أستمع لخطيب الجمعة ما ورد الحديث عنه آنفاً، وبصورة منفرّة مزعجة، لدرجة أثاروا فيها حفيظة المصلّين، وشتتوا انتباههم عن الخطبة، حيث بدأ المصلّون بالالتفاة يميناً ويساراً في محاولة لإيجاد مصدر الصوت، ولكن دونما جدوى، حتى أن المصلّين الذين يتكلّمون أثناء الخطبة “برعوا” في إخفاء أصواتهم حينما يلتفت إليهم المصلين الآخرين.

واللهِ إنّه لأمر عجيب! كيف يجرؤ مثل هؤلاء المصلّين على الحديث أثناء خُطبة الجمعة دونما حياء أو احترام لحرمة بيت الله! وفي أطهر بقعة على هذه البسيطة؟! ألم يعلموا أنّهم -وفي صلاتهم- يكونوا بين يد الله عز وجل! أليس من الواجب عليهم التأدّبَ والإنصات للخُطبة علّهم يجدوا فيها شيئاً يقرّبهم من الله، ويصحّح لهم مسارات حياتهم “الملطّخة بالذّنوب والآثام”، وفي الوقت نفسه؛ أولسنا بحاجة إلى لحظة تخشع فيها قلوبُنا لله، وتطلبُ العودة له والإنابة! واللهِ إنّ الذنوب والمعاصي تطمُرنا من أخمص قدمينا حتى جبيننا. وما أحوجَنا اليوم للتوبة والرجوع إلى الله والاستغفار والقنوت، في زمن يكون القابضُ على دينه كالقابض على الجمر، وفي زمنٍ انتشرت فيه الفتنة والتبرّج والظلم والرّذيلة.

 وفي مفارقة إجتماعية؛ كلّنا يستاء حينما يقاطعُ أحدٌ حديثَه وهو في جلسة ويستشيط غضباً، ويبدأ بلوم الآخرين على عدم احترامه وتقديره، وكلنا ننزعج من الضيوف الذين لا يحسنونَ الإنصات، أو يسيؤون حرمة البيت بشكل أو آخر.. والسؤال هنا، أليس الله الذي خلَقنا فأحسن خلْقنا، وهو من يرزُقنا ويدبّر الأمرَ لنا في كل ثانية من حياتنا أوْلاً بالاحترام والإجلال في بيته، والإصغاء لكلامه وسنّة نبيه وهديه!؟ واللهِ بلا.

في ختام لافتتي، أسألُ اللهَ لي ولكم الهدايةَ والتوفيق، وأذكّركم ونفسي، بما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولَه: (من قال لأخيه صَهْ والإمام يخطب فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

تفضـل بكتابـة رأيـك!